الدول الإسلامية لا تستقيم أمور النّاس دون وجود دولة ترعى شؤون حياتهم وتُنظّم تعاملاتهم وفق أطرٍ قانونيّة ودستورٍ شامل ومؤسسات تحفظ الحقوق، وتنظّم الحياة العامة وتسيّرها؛ فالدّولة هي حاجة وضرورة حتميّة بلا شكّ، وكلّما كانت تلك الدّولة قويّة منظّمة استطاعات النّهوض بشعبها ومؤسّساتها، وإذا ضعفت كانت وبالًا على النّاس وفتحت باب الفتن والمشاكل وليس أدلّ على ذلك ممّا يحدث الآن في بعض الدّول التي غابت عنها مؤسسات الدّولة من فوضى عارمة أضرّت بجميع جوانب الحياة.
برزت الدّولة الإسلاميّة عبر التّاريخ كدولة قويّة استطاعت بكلّ اقتدار رعاية شؤون المُسلمين وتنظيم حياتهم، فما هي خصائص الدّولة الإسلاميّة؟ وما هي أهدافها ورسالتها؟
خصائص الدّولة الإسلاميّة - تتميّز الدّولة الإسلاميّة بأنّها دولة ربّانيّة قائمة على معاني العدل والمساواة والتّكافؤ بين جميع النّاس، فممّا يحقّق الاستخلاف الشّرعي في الأرض أن تتواجد الدّولة القويّة بحاكمها القادر على إقامة شريعة الله في الأرض وتحقيق العدل بين النّاس، فهي دولة ترتكز في تشريعاتها إلى الإسلام العظيم وما مثّله من دستورٍ ربّاني شامل كامل يصلح للتّطبيق في كلّ العصور وجميع الأزمان وشتّى الظّروف والأحوال.
- تتميّز الدّولة الإسلاميّة بأنّها دولة مرنة قادرة على بناء التّحالفات والمعاهدات بينها وبين غيرها من الدّول، فالتّعاون مع الآخرين وحتّى لو اختلفوا معنا في الدّين والعقيدة هو تعاون مطلوب من أجل تسيير شؤون العالم في سبيل خدمة الإنسان وحفظ كرامته وتلبية متطلّبات العيش الكريم له .
- الدّولة الإسلاميّة كذلك هي دولة قويّة لها جيشها القادر على الدّفاع عن حماها وحماية حدودها، وكذلك كانت الدّولة الإسلاميّة عبر التّاريخ عندما تحدّت دول عظمى حينئذ كالرّوم والفرس فقهرتها وحقّقت توازن الردع معها.
مهمّة الدّولة الإسلاميّة لا شكّ بأنّ للدّولة الإسلاميّة مهامها الحيويّة التي تحقّق لها رسالتها في الأرض، ومن هذه المهام نذكر :
- مهمّة تبليغ رسالة الإسلام إلى النّاس ودعوتهم للإيمان بها، لذلك نجد الدّولة الإسلاميّة وخاصّةً في العصور الذّهبيّة للإسلام دولة تحمل همّ الدّعوة إلى دين الله تعالى إلى العالمين، ويسعى أفرادها بكلّ ما يستطيعون لهداية النّاس إلى طريق الإسلام ومن وقف في وجه تلك المهمّة آذنه المسلمون بخيارين لا ثالث لهما، فإمّا أن يدفع الجزية وإمّا أن يقاتل حتّى يذعن لأمر الله تعالى.
- إقامة الحدود في الأرض؛ فقد جعل الله لعدد من الجرائم عقوبات تحدّ منها وتمنع انتشارها في المجتمع، والدّولة الإسلاميّة من أبرز مهامها أن تطبّق الحدود وترعاها بما يحقّق الأمان والسّعادة للمجتمع الإسلامي.